فقد حذرت الآية بكل وضوح أفراد المجتمع المسلم، بأن الظلم بكل أشكاله وأنواعه إذا ظهر بينهم فإن العقوبة تشملهم جميعاً، ويكون مقصود الآية التحذير من فتنة تتعدى الظالم، فتصيب الصالح والطالح.
والسبب في شمول العقاب وعمومه، يمكن أن نستوضحه من خلال أمرين: أحدهما: الوقوف على سبب نزول هذه الآية، وهو مقصد مبتغى من هذا المقال. الثاني: ما يذكره المفسرون من المراد منها، وهو المقصد الأهم فيما نحسب.
عن زينب بنت جحش رضي الله عنها: يا رسول الله!
أنهلك وفينا الصالحون؟! قال: (نعم، إذا كثر الخبث)، متفق عليه.
وفي "الصحيحين" قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أنزل الله بقوم عذاباً، أصاب العذاب من كان فيهم، ثم بعثوا على أعمالهم).
وفي هذا المعنى أيضاً، قوله صلى الله عليه وسلم: (مثل القائم على حدود الله والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة - اقترعوا -، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً، ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميع)، رواه البخاري.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الناس إذا رأوا الظالم، فلم يأخذوا على يديه، أوشك أن يعمهم الله بعقاب)، رواه أصحاب السنن إلا النسائي.
ثم ها هنا سؤال قد يرد، وهو أن قوله تعالى: {ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى} (الأنعام:164)، يوجب ألا يؤخذ أحد بذنب أحد، وإنما تتعلق العقوبة بصاحب الذنب. والجواب -كما قال ابن العربي-: إن الناس إذا تظاهروا بالمنكر، فمن الفرض على كل من رآه أن يغيره؛ فإذا سكت عليه فكلهم عاص. هذا بفعله، وهذا برضاه. وقد جعل الله في حُكمه وحكمته الراضي بمنـزلة العامل؛ فانتظم الجميع في العقوبة.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]